الأحد، 23 ديسمبر 2012

يحدث في اليمن.. نهب رسمي ..عبر جيش وهمي



بقلم/ محمود عبدالله شرف الدين*
ما أعلن عنه من أرقام مهولة لأسماء الجنود والضباط الوهميين  في الجيش والأمن اليمني،مؤخراً كشف بجلاء عن مدى النهب والفساد المنظم القائم في جهاز الدولة وعن الأسباب التي دفعت الشعب اليمني للخروج ضد نظام المخلوع صالح.
 إن الكشف عن وجود ما يقارب 400 ألف جندي وهمي في قواتنا المسلحة والأمن يدفع الشعب اليمني من عرقه رواتب تصل إلى 200 مليار ريال سنويا على نحو مقدر تستولي عليها قوى منتفعة فاسدة في مؤسسات الجيش والأمن وفي السلطة التنفيذية،بينما يظل الجندي المسكين في معاناة دائمة من حياة معيشية ضنكا ،أمر جيد وخطوة ممتازة  في الاتجاه الصحيح ،وفي غاية الخطورة ما يستدعي وقفة لكل قوى الشعب الحية والفاعلة،في مطالبة الحكومة بالقبض على كل من وقف وراء ذلك وإحالتهم للقضاء ، وإعادة ما نهبوه  في الماضي والحاضر، ومطالبة العالم بتجميد أرصدتهم وممتلكاتهم  في الخارج.
إن ما كشف عنه من نهب وفساد ليس إلا جزءا يسيرا من ما كان قائماً ومستمراً حتى اليوم من فساد وكسب غير مشروع ،طال الأخضر واليابس وشكل سبباً رئيسيا للثورة الشعبية ضد الفساد والعبث بثروات الوطن وبالإنسان اليمني، ودليل واضح على مدى التستر على الفساد المنظم، وتجريم الاقتراب والبحث عن المعلومات او مجرد الإشارة الى هذا العبث من قبل الصحافة ووسائل الإعلام بشكل عام وكذلك مؤسسات المجتمع المدني،ويكشف عن مدى استماتة نظام الأسرة الفاسد في قمع الصحافة وملاحقة الصحفيين والناشطين طوال فترة حكمه،بذرائع المس بالأمن القومي للوطن وسيادته ومؤسساته الوطنية النظيفة.
اليوم بفضل الثورة الشبابية يعلن على الملأ رسمياً جزءًا يسيراً من فساد أنهك الوطن  وأجهض حلم المواطن اليمني في وطن مزدهر ولقمة عيش كريمة،  وجعل 60% منه تحت خط الفقر ،وشرد ميئات  الآلاف من اليمنيين في أنحاء العالم بحثاً عن لقمة شريفة،ودفع باقتصادنا إلى منحدرات الانهيار  عملة وميزانية،وبنية تحتية وحياة معيشية وتدني كبير في خدمات ضرورية كالصحة والتعليم والمياه وغيرها من الخدمات ، وما نتج عنها من تفشي جهل ومرض وتخلف ،وما إلى ذلك من ارتفاع في معدلات الوفيات والإصابات بالأمراض الفتاكة والمعدية وتزايد حالات التسرب من التعليم وتفشي البطالة وعمالة الأطفال والمتاجرة بالبشر وأعضائهم،وارتفاع معدلات  الجريمة وحوادث العنف والفساد والهجرة الشرعية،وتزايد أعداد المتسولين في الشوارع وأبواب المساجد والمنشئات ومنازل المسئولين والتجار،مقابل تزايد أعمال الجباية والارتفاع الفاحش في الأسعار؛ في حين يتكئ النظام على القوة والتزييف وشراء الذمم لإجهاض العملية الديمقراطية،وإعاقة أية محاولات سلمية للتغيير ، مستعيناً بقيادات  فاسدة  في الجيش والأمن ومؤسسات الدولة الأخرى،وشراء المراكز الاجتماعية والقبلية، ومنح كل شخص منهم  مرتبات عدد من الجنود الوهميين،بالإضافة إلى مدهم  بالسلاح والذخيرة من اجل إرهاب الشعب و محاصرة ومحاربة الأصوات و القوى المدنية السياسية،والصحافية المنددة بحالات الفساد والتدهور الاقتصادي وما يجري من  نهب رسمي منظم  لم يقتصر على المال العام وثروات الوطن فحسب بل طال حقوق المواطنين وممتلكاتهم العقارية والنقلية ناهيك عن عمليات التهريب التي يقوم بها ضباط وتجار بالشراكة مع أبناء  وأحفاد الأسرة الحاكمة، للغاز والديزل والبترول والآثار طوال السنوات الماضية عبر موانئ الدولة الرسمية.
وأتوقع  أن الأيام القادمة ستكشف عن المزيد من الفساد وما جري من نهب يفوق  كل التوقعات، قتل ماضي اليمن وحاضره ومستقبله،وعن مدى حاجتنا إلى دولة مدنية قائمة على الشفافية والنزاهة و المسآلة الاجتماعية  وحق الحصول على المعلومات وقضاء نزيه ومستقل  ومنظمات مجتمع مدني يتولى تعزيز عملية المساءلة والشفافية،والرقابة الشعبية على المؤسسات،بالإضافة إلى التحرك بشتى الوسائل المتاحة والمشروعة لوقف النهب الحاصل للمال العام وإعادة الأموال المنهوبة، وملاحقة الفاسدين واستعادة أموال الشعب، بالشراكة مع وسائل الإعلام وأجهزة الرقابة الرسمية.
إننا في مركز مكافحة الكسب المشروع كمؤسسة غير حكومية وطوعية سنعمل  إلى جانب منظمات المجتمع المدني الأخرى وبالشراكة مع وسائل الإعلام  ومؤسسات الدولة المعنية على كشف وقائع وقضايا الفساد ومحاربة الفاسدين، وتعزيز عملية الرقابة المالية وإبلاغ الجهات  القضائية، ومعالجة القصور في التشريعات والقوانين المالية والرقابية والعمل على تعزيز الدور الرقابي للمؤسسات الرسمية الرقابية ومنحهم الضبطية القضائية ، ضد كل من يثبت تورطه في عمليات الفساد المالي والإداري  والكسب غير المشروع .
كما سنطالب العالم من كافة دول العالم تجميد أرصدة مسئولي النظام السابق وفي مقدمتهم المخلوع صالح وأسرته وأركان حكمه  وكل فاسديه في البنوك  دول العالم المختلفة كونها حقوق شعب ينبغي أن تعاد إليه وسيقف معنا كل حر في هذا الوطن والعالم اجمع كون النهب الذي جرى لا مثيل له في أي نظام أو سلطة في العالم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 *  صحفي يمني ورئيس مركز مكافحة الكسب غير المشروع
                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق